رفع حاجز قابلية استخدام التكنولوجيا
قديماً قام مخترع إيطالي باختراع أول آلة كاتبة لمساعدة كونتيسة فاقدة للبصر لكي تكتب بشكل مقروء، بينما قام ألكسندر جراهام بيل باختراع الهاتف لأن زوجته وأمه كانتا صماوين. كما تم اختراع جهاز التحكم عن بعد للأشخاص الذين يعانون من إعاقة في الحركة. وهكذا ندرك أن كثيراً من التقنيات والإلكترونيات الموجودة في عالمنا الحاضر كانت من أجل حاجة مُلحة وماسة بل إنسانية إذا جاز التعبير.
وهي ما نستخدمها الآن من قبيل الرفاهية وتوفير الوقت والجهد في حياتنا اليومية. واتباعاً لهذه العادة القديمة والتي أثرت حياتنا بكثير من أدوات الراحة والرفاهية نجد اليوم عمليات تطوير لأجهزة الماسحات الضوئية المكتبية التي تم اختراعها لصنع كتب متكلمة لفاقدي البصر. ومن الآلة الكاتبة إلى جهاز التحكم عن بعد، تم تطوير أدوات ولوج خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة أصبحت في النهاية أدوات يستخدمها الجميع.
أما مشروع الماسحات الضوئية، والذي أُطلق عليه اسم مشروع أرخميدس، فيتم القيام به في جامعة ستانفورد على جعل المعلومات متوفرة للجميع وليس فقط الأفراد الذين يعانون من إعاقات ولكن أيضاً المسنين الذين لا يمكنهم القراءة وجميع الذين لا يمكنهم استخدام الكمبيوتر وأجهزة المعلومات بسهولة. ويقوم مشروع ارخميدس ببناء تكنولوجيا قابلة للولوج تتفوق على أداء المنتجات التجارية الأخرى بحيث تجعل (الأشخاص من غير ذوي الاحتياجات يرغبون فيها) على حد قول رئيس المشروع والمؤسس المشارك له نيل سكوت. مصنع أرخميدس هذا وقد قام الطلبة الخريجين من جامعة ستانفورد بالتعاون مع التنفيذيين الصناعيين بإنشاء منتجات مبتكرة لهذه الفئة من الأشخاص من خلال برنامج مدته 10 أسابيع يطلق عليه مصنع أرخميدس للدخول على الإنترنت. وتقليدياً، تتطلب التكنولوجية التكيفية من الأفراد المعاقين استخدام إصدارات معدلة عن أجهزة الكمبيوتر والأجهزة القائمة. وتعتمد استراتيجيات واجهات العمل المستخدمة بشكل كبير على حاسة واحدة مثل البصر، إلا أن هذا التوجه أصبح غير عملي حيث يكافح المطورين لمسايرة التكنولوجية التي بطل استعمالها وأنظمة التشغيل وبرامج الكمبيوتر التي أصبحت بالغة التعقيد.
وفي هذا الإطار يقول سكوت:
من المشاكل الرئيسية للشخص المعاق أنه عندما يبطل استخدام المعدات عشوائياً، ليس لديهم الموارد للاستمرار في رفع الكفاءة الخاصة بوحدات وبرامج الكمبيوتر ولذلك فإن بطلان الاستعمال يعتبر شيئا سيئا للصناعة الخاصة بغير المؤهلين. ويعتبر توجه مشروع ارخميدس مختلفا بشكل جذري. فقد قام المشروع بتصميم نظام ولوج كامل total access system يمكن الأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة من الدخول إلى أي كمبيوتر أو جهاز يعتمد على الكمبيوتر. تقنية التعرف على الكلام فكل فرد مجهز بأداة دخول، وهي أداة واحدة تسمح له باستخدام كافة أجهزة الكمبيوتر وأجهزة المعلومات بدون معدات أو برامج كمبيوتر خاصة. وتقوم هذه الأدوات الخاصة بالدخول باستخدام تقنية التعرف على الكلام ومتابعة الرأس والعين وواجهات العمل الأخرى البشرية التي تتطابق مع احتياجات الأفراد. ومن أبرز عناصر هذا النظام السماح للشخص باختيار أي استراتيجيات مدخلات ومخرجات ملائمة له لكي يقوم بتنفيذ المهام، كما يسمح للأشخاص بالمزج بين الوحدات المختلفة ومنحهم قدرا كبيرا من المرونة. ويساعد نظام الدخول أشخاصا مثل (جالان) وهو طالب جامعي في جامعة ستانفورد وحاصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة كاليفورنيا وهو مصاب بالشلل الرباعي منذ أن أصيب في حادث غوص عند سن السادسة عشر. ويقوم (جالان) باستخدام نظام التعرف على الصوت الذي يقوم بوضع كلماته على شاشة الكمبيوتر. ويمكنه التحكم في المؤشر من خلال استخدام حركات الرأس. وبالرغم من أن الأنظمة أصبحت أسرع وأكثر دقة، فإنه يتعين على الشخص أن يستغرق وقتا كبيرا لكي يتعلم طريقة استخدامها. ويقوم مشروع ارخميدس باستخدام برنامج كمبيوتر لتحديد كيفية إنشاء نظام التعرف على الصوت الذي يتميز بمستوى عالي من الدقة لكلمات قليلة تلائم المضمون الحالي للكلام. أنظمة ذكية وسوف يركز المشروع على استخدام أنظمة مساعدة ذكية لجعل الكمبيوتر يتصرف تصرفات الأشخاص والتخلص من الحاجة لمعرفة النص من جانب الأشخاص قبل أن يقوموا بأي شيء. ويضيف سكوت (نريد الابتعاد عن ضرورة نطق التعليمات للكمبيوتر لكي نتمكن من التعبير عن النوايا). ويريد سكوت أن يقوم باستخدام الحوسبة غير المرئية على الجيل القادم من التكنولوجيا المساعدة. وبدلاً عن تصميم منتجات بشكل محدد للأفراد المعاقين وتعميمها على باقي السكان، يبحث مشروع ارخميدس عن منتجات المعاقين التي يمكن تصنيعها للسكان بشكل عام والتي يمكن استخدامها من جانب المعاقين. ويقوم المشروع بتطوير معدات تصل مدة استخدامها إلى عقود وليس سنوات قليلة فقط ثم تتطلب رفع كفاءة بشكل متكرر. ويقول سكوت أن هناك بلايين الأشخاص الذين يحتاجون إلى أدوات دخول أساسية في حالة انضمامهم لنظام المعلومات.
أما في العالم الثالث فنجد أن المسنين والمعاقين غير مهتمين بعملية رفع الكفاءة، فنحن نريد معدات في مجال الإعاقة يتم دفعها بواسطة الحاجة والأداء وليس قوى السوق لكي يكون لدينا الأحدث والأعظم.
منقول عن جريدة الجزيرة الإلكترونيه