حدائق الموت
لشيخ ابن عباس
الحمد لله رب العالمين .. الرحمن الرحيم .. مالك يوم الدين ..
الحمد لله الكريم الوهاب .. الحمد لله الرحيم التواب .. الحمد لله الهادي إلى
الصواب .. مزيل الشدائد وكاشف المصاب ..
الحمد لله فارج الهم .. وكاشف الغم .. مجيب دعوة المضطر .. فما سأله سائل فخاب ..
يسمع جهر القول وخفي الخطاب .. أخذ بنواصي جميع الدواب .. فسبحانه من إله عظيم ..
لا يماثل .. ولا يضاهى .. ولا يرام له جناب .. هو ربنا لا إله إلا هو .. عليه
توكلنا .. وإليه المرجع والمتاب ..
وسبحان من انفرد بالقهر والاستيلاء ..
واستأثر باستحقاق البقاء ..
وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء ..
وأشهد أن لا إله إلا الله ..
أما بعد ..
حدائق الموت ؟
تلك القبور التي غيبت فيها أجساد تحت التراب .. تنتظر البعث والنشور وأن ينفخ في
الصور ..
اجتمع أهلها تحت الثرى .. ولا يعلم بحالهم إلا الذي يعلم السر وأخفى ..
نعم ..
إنه الموت ..
أعظم تحدٍّ تحدى الله به الناس أجمعين ..
الملوك والأمراء .. والحُجّاب والوزراء .. والشرفاء والوضعاء .. والأغنياء والفقراء
..
كلهم عجزوا أن يثبتوا أمام هذا التحدي الإلهي { قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت
إن كنتم صادقين }
أين الجنود ؟ أين الملك ؟ أين الجاه ؟
أين الأكاسرة ؟ أين القياصرة ؟
أين الزعماء ؟
أتى على الكـل أمر لا مرد له حتى قضوا فكأن القـوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلكٍ ومن مَلِكٍ كما حكى عن خيال الطيف وسنان
مرض أبو بكرة رضي الله عنه واشتد مرضه .. فعرض عليه أبناؤه أن يأتوه بطبيب .. فأبى ..
فلما نزل به الموت صرخ بأبنائه وقال : أين طبيبكم ؟ .. ليرّدها إن كان صادقاً ..
ووالله لو جاءه أطباء الدنيا .. ما ردوا روحه إليه ..
{ فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون * ونحن أقرب إليه منكم ولكن
لا تبصرون * فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين * فأما إن كان من
المقربين * فروح وريحان وجنة نعيم * وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من
أصحاب اليمين * وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم * وتصلية جحيم * إن
هذا لهو حق اليقين * فسبح باسم ربك العظيم } ..
إنه الموت ..
هادم اللذات .. ومفرق الجماعات .. وميتم البنين والبنات ..
المــنايا تَجُوسُ كلّ البِـلادِ والمــنايَا تَبيدُ كــلّ العِبَادِ
لَتَنالَــنّ مــن قُرونٍ أراها مثلَ ما نِلْنَ مــن ثَمُودٍ وعادِ
هل تذكّرْتَ من خلا من بني الأصْـ ـفَرِ أهْلِ القِبابِ والأطْوادِ
هلْ تذكّرْتَ من خَلا من بني سَا سانَ أرْبابِ فارِسٍ والسّوَادِ
أينَ داوُدُ أينَ ؟ أينَ سُلَيْمَا نُ المــنيعُ الأعراضِ والأجنادِ ؟!
أينَ نُمرُودُ وابْنُهُ أينَ قارُو نُ وهامانُ أينَ ذو الأوتادِ
وَرَدوا كلهم حِياضَ المــنايَا ثمّ لم يَصْدِروا عَنِ الإيرادِ
أتَنَاسَيْتَ أمْ نَسيتَ المــنايَا؟ أنَسيتَ الفِراقَ للأوْلادِ ؟
أنَسيتَ القُبُورَ إذْ أنتَ فيها بَينَ ذُلٍّ وَوَحشَةٍ وانفِرادِ
أي يَوْمٍ يَومُ الممات وإذْ أنْـ ـتَ تُنادى فَما تُجيبُ المنادي
أيّ يَوْمٍ يوم الفِراقِ وإذْ نَفْــسُكَ تَرْقَى عَنِ الحَشا والفُؤادِ
أيّ يَوْمٍ يَوْمُ الفراقِ وإذْ أنْـ ـتَ مـن النّزْعِ في أشَدّ الجِهادِ
أيّ يَوْمٍ يَوْمُ الصّراخِ وإذْ يَلْــطِمـن حُرّ الوّجُوهِ والأجيَادِ
بـاكِياتٍ عَلَيكَ يَندُبنَ شَجواً خافِقاتِ القُــلُوبِ والأكْبادِ
يَتَجـاوَبْنَ بالرّنينِ ويَذْرِفْـ ـنَ دُمُوعاً تَفيضُ فَيضَ المَزادِ
أيّ يَوْمٍ يوْمُ الوُقوفِ إلى الله ويَوْمُ الحِسابِ والإشْهادِ
أيّ يَوْمٍ يوم المَرور عَلى النّا رِ وأهْوَالِها العِظامِ الشّدادِ
أيّ يَوْمٍ يَوْمُ الخَلاصِ من النّا رِ وهَوْلِ العَذابِ والأصْفادِ
كم وكم في القُبُورِمن أهلِ ملكٍ كمْ وكمْ في القُبورِمــن قُوّادِ
كمْ وكم في القُبورِمن أهلِ دُنْيا كمْ وكم في القُبورِ مــن زُهّادِ
وَرَدوا كلهم حِياضَ المــنايَا ثمّ لم يَصْدِروا عَنِ الإيرادِ
* * * * * * * * * *
لشيخ ابن عباس
الحمد لله رب العالمين .. الرحمن الرحيم .. مالك يوم الدين ..
الحمد لله الكريم الوهاب .. الحمد لله الرحيم التواب .. الحمد لله الهادي إلى
الصواب .. مزيل الشدائد وكاشف المصاب ..
الحمد لله فارج الهم .. وكاشف الغم .. مجيب دعوة المضطر .. فما سأله سائل فخاب ..
يسمع جهر القول وخفي الخطاب .. أخذ بنواصي جميع الدواب .. فسبحانه من إله عظيم ..
لا يماثل .. ولا يضاهى .. ولا يرام له جناب .. هو ربنا لا إله إلا هو .. عليه
توكلنا .. وإليه المرجع والمتاب ..
وسبحان من انفرد بالقهر والاستيلاء ..
واستأثر باستحقاق البقاء ..
وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء ..
وأشهد أن لا إله إلا الله ..
أما بعد ..
حدائق الموت ؟
تلك القبور التي غيبت فيها أجساد تحت التراب .. تنتظر البعث والنشور وأن ينفخ في
الصور ..
اجتمع أهلها تحت الثرى .. ولا يعلم بحالهم إلا الذي يعلم السر وأخفى ..
نعم ..
إنه الموت ..
أعظم تحدٍّ تحدى الله به الناس أجمعين ..
الملوك والأمراء .. والحُجّاب والوزراء .. والشرفاء والوضعاء .. والأغنياء والفقراء
..
كلهم عجزوا أن يثبتوا أمام هذا التحدي الإلهي { قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت
إن كنتم صادقين }
أين الجنود ؟ أين الملك ؟ أين الجاه ؟
أين الأكاسرة ؟ أين القياصرة ؟
أين الزعماء ؟
أتى على الكـل أمر لا مرد له حتى قضوا فكأن القـوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلكٍ ومن مَلِكٍ كما حكى عن خيال الطيف وسنان
مرض أبو بكرة رضي الله عنه واشتد مرضه .. فعرض عليه أبناؤه أن يأتوه بطبيب .. فأبى ..
فلما نزل به الموت صرخ بأبنائه وقال : أين طبيبكم ؟ .. ليرّدها إن كان صادقاً ..
ووالله لو جاءه أطباء الدنيا .. ما ردوا روحه إليه ..
{ فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون * ونحن أقرب إليه منكم ولكن
لا تبصرون * فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين * فأما إن كان من
المقربين * فروح وريحان وجنة نعيم * وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من
أصحاب اليمين * وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم * وتصلية جحيم * إن
هذا لهو حق اليقين * فسبح باسم ربك العظيم } ..
إنه الموت ..
هادم اللذات .. ومفرق الجماعات .. وميتم البنين والبنات ..
المــنايا تَجُوسُ كلّ البِـلادِ والمــنايَا تَبيدُ كــلّ العِبَادِ
لَتَنالَــنّ مــن قُرونٍ أراها مثلَ ما نِلْنَ مــن ثَمُودٍ وعادِ
هل تذكّرْتَ من خلا من بني الأصْـ ـفَرِ أهْلِ القِبابِ والأطْوادِ
هلْ تذكّرْتَ من خَلا من بني سَا سانَ أرْبابِ فارِسٍ والسّوَادِ
أينَ داوُدُ أينَ ؟ أينَ سُلَيْمَا نُ المــنيعُ الأعراضِ والأجنادِ ؟!
أينَ نُمرُودُ وابْنُهُ أينَ قارُو نُ وهامانُ أينَ ذو الأوتادِ
وَرَدوا كلهم حِياضَ المــنايَا ثمّ لم يَصْدِروا عَنِ الإيرادِ
أتَنَاسَيْتَ أمْ نَسيتَ المــنايَا؟ أنَسيتَ الفِراقَ للأوْلادِ ؟
أنَسيتَ القُبُورَ إذْ أنتَ فيها بَينَ ذُلٍّ وَوَحشَةٍ وانفِرادِ
أي يَوْمٍ يَومُ الممات وإذْ أنْـ ـتَ تُنادى فَما تُجيبُ المنادي
أيّ يَوْمٍ يوم الفِراقِ وإذْ نَفْــسُكَ تَرْقَى عَنِ الحَشا والفُؤادِ
أيّ يَوْمٍ يَوْمُ الفراقِ وإذْ أنْـ ـتَ مـن النّزْعِ في أشَدّ الجِهادِ
أيّ يَوْمٍ يَوْمُ الصّراخِ وإذْ يَلْــطِمـن حُرّ الوّجُوهِ والأجيَادِ
بـاكِياتٍ عَلَيكَ يَندُبنَ شَجواً خافِقاتِ القُــلُوبِ والأكْبادِ
يَتَجـاوَبْنَ بالرّنينِ ويَذْرِفْـ ـنَ دُمُوعاً تَفيضُ فَيضَ المَزادِ
أيّ يَوْمٍ يوْمُ الوُقوفِ إلى الله ويَوْمُ الحِسابِ والإشْهادِ
أيّ يَوْمٍ يوم المَرور عَلى النّا رِ وأهْوَالِها العِظامِ الشّدادِ
أيّ يَوْمٍ يَوْمُ الخَلاصِ من النّا رِ وهَوْلِ العَذابِ والأصْفادِ
كم وكم في القُبُورِمن أهلِ ملكٍ كمْ وكمْ في القُبورِمــن قُوّادِ
كمْ وكم في القُبورِمن أهلِ دُنْيا كمْ وكم في القُبورِ مــن زُهّادِ
وَرَدوا كلهم حِياضَ المــنايَا ثمّ لم يَصْدِروا عَنِ الإيرادِ
* * * * * * * * * *